وعن عبد الرحمن بن عثمان القرشي رضي الله تعالى عنه: « أن طبيبا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضفدع يجعلها في دواء؟ فنهى عن قتلها »1 أخرجه أحمد وصححه الحاكم.
عبد الرحمن بن عثمان هذا التيمي القرشي رضي الله عنه حديثه جيد, هذا الحديث جيد وسنده لا بأس به جيد, وفيه « أن طبيبا سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن الضفدع, وأنه يجعلها في دواء فنهى عن قتلها »1 وهذا أيضا مثل ما تقدم في النهي عن قتل النملة والنحلة والهدهد والصرد في حديث ابن عباس, ودليل على تحريمها, وأنه لا يجوز قتلها, وإذا كان لا يجوز قتلها فلا يجوز أكلها؛ لتحريم قتلها كما تقدم في حديث ابن عباس .
وجاء في حديث عبد الله بن عمرو عند البزار والطبراني وغيرهما « أن نقيقها التسبيح »2 فالمقصود أن هذا من الحيوانات التي لا يجوز أكلها, والأظهر -والله أعلم- أنها محل اتفاق من أهل العلم. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
س: أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ. الأسئلة كثيرة حول استعمال القنفذ -يقولون- في علاج الربو وكذلك لحوم الحيات أنها علاج لبعض الأمراض، فهل يجوز ذلك؟
ج: العلاج بالسم إذا كان يجعل في دواء ودخل في دواء وأُمِن ضرره فإنه لا بأس به إذا كان جعل في دواء وكان شيئا قليلا، فلا بأس منه حينما يعلم نفعه حينما يدخل.
أما أن يكون سما خالصا فهو جاء في الحديث النهي عن السم, وأنه خبيث, وأنه نهى عن الدواء الخبيث عليه الصلاة والسلام, والدواء الخبيث عندهم: يشمل الخبث للنجاسة، أو الخبث لكونه يقتل مثل السم.
فالمقصود إنه إذا كان شيئا يسيرا أُدخِل في علاج وخف ضرره, وأُمِن ضرره وظهرت منفعته, ودخل في غيره، في هذه الحالة لا بأس. نعم.
س: أحسن الله إليكم. يقول: هل يقاس على سباق الخيل جواز السباق بالسيارات؟
ج: لا. لا يجوز السباق بالسيارات بل إن السباق بالسيارات لا يجوز حتى بغير مال؛ لما فيه من الخطر, ولما فيه من الضرر, وربما تعرض لقتل النفوس, هذا لا يجوز حتى ولو كان بغير مال.
أما إذا كان بمال فهو محرم على محرم؛ ولهذا نص العلماء مثلا على أن المسابقات أنواع: منها ما يجوز بلا جعل؛ مثل المسابقة على الأقدام ونحوها, هذه يجوز؛ كما سابق النبي عليه الصلاة والسلام عائشة هذا يجوز, ويكون بغير مال.
وشيء يجوز بالمال ونحوه والجعل في الأشياء الثلاثة وما ألحق به, وشيء لا يجوز مطلقا لا بمال ولا بغيره؛ مثل النرد والقمار وما أشبه ذلك, فهي أنواع ثلاثة. نعم.
س: أحسن الله إليكم. أيضا هناك أسئلة كثيرة حول جواز الجُعل في المسابقات الثقافية وغيرها؟
ج: المسابقات الثقافية إن كانت مسابقات شرعية في أسئلة شرعية, أو يغلب عليها الأسئلة الشرعية؛ مثل أن تكون مسابقة فيها أسئلة في العلوم الشرعية هذه لا بأس بها, مثل ما تقدم ومثل ما وقع من الرهان بين أبي بكر رضي الله عنه وبين كفار قريش.
ثم أيضا دلالة بالمعنى أنه إذا جاز السباق والمسابقة في هذه الأشياء الثلاثة فجوازها في باب العلم من باب أولى؛ لأن هذا نصر للدين بالسنان, وهذا نصر للدين بالبيان واللسان، فهذا لا بأس به.
أو كانت المسابقات شرعية, وغالبها شرعية, ربما دخل أشياء تابعة؛ أسئلة في أمور تابعة مثلا ومباحة لكنها تابعة وليست مقصودة فهذا لا بأس به, وما سوى ذلك فلا؛ لأن الأصل في أخذ المال أنه لا يجوز بذله بلا عوض, ولا يجوز بذله بلا مقابل؛ ولهذا جاء الاستثناء في هذه الأشياء كما تقدم. نعم.
س: أحسن الله إليكم. يقول: ذكرتم مطلق الأمان والأمان المطلق، فما الفرق بينهما؟
ج: مطلق الأمان: الأمان الذي يكون لم يحصل فيه الأمان المؤبد, أو الأمان الدائم المستمر أبد الأبد, هذا لا يجوز؛ لأن هذا فيه تعطيل الجهاد, معنى ذلك إقرار الكفار وإقرار الحرب. ومطلق الأمان, يكون الأمان المطلق ليس مقيدا؛ يعني ينظر بحسب المصلحة يكون عهدا بين المسلمين والكفار, ويكون هذا العهد بحسب المصلحة, فإذا رأى المسلمون أن ينهوا هذا العهد فلا بأس, وإذا رأى الكفار كذلك لا بأس, بمعنى أنهم ينبذون به كما قال تعالى: ﴿ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ ﴾3 .
فيجوز حال الخوف من خيانتهم, ويجوز إذا كان العهد مطلقا وغير مقيد؛ ولهذا لما نزلت سورة التوبة أمضى النبي عليه الصلاة والسلام العهود المقيدة, واختلف في العهود المطلقة هل مدت أو لم تمد؟ فدل على أن هناك عهود مطلقة, والعهود المطلقة لم تبق على أمدها, إنما كان حكمها حكم العهود الأخرى؛ إما إلى مدة محددة أو أنها تنتهي, فالعهود كما قلنا: أنه له أن يخبرهم إذا أراد أن ينهيها لكن عليه أن يبلغهم بذلك ولا يفجأهم ولا يخونهم.
س: أحسن الله إليكم. يقول: هل يدخل في قوله صلى الله عليه وسلم: « ألا إن القوة الرمي »4 أدوات الحرب الحديثة؟
ج: نعم. كذلك مثل أنواع السلاح ما يرمى به كذلك, فلو حصل سباق مثلا أو مراهنة على القوة مثلا بالسلاح بأنواع البنادق والرشاشات, مثلا يضعون هدفا ويرمونه كذلك أيضا؛ لأنه أبلغ إذا كان في السهام كذلك فلا بأس؛ لأنه من أنواع السلاح التي يجوز المراهنة عليها, لكن المقصود أن ينبغي أن يعلم أنه لا بد أن تكون هذه مراهنات القصد بها إعلاء كلمة الدين, وتعلم الرمي الذي ينوي به العبد نصر الدين.
أما إذا كان مثلا إقامة المسابقات في أنواع السلاح أو على الإبل أو على الخيل, إذا كانت يقصد بها المفاخرة وما أشبهه والمراءاة فهذا لا يجوز, إنما المقصود أن تكون لإعلاء كلمة الله والتدرب على أنواع السلاح لأجل الجهاد.
1 : النسائي : الصيد والذبائح (4355) , وأبو داود : الطب (3871) , وأحمد (3/453) , والدارمي : الأضاحي (1998). 2 : مسلم : المساجد ومواضع الصلاة (596) , والترمذي : الدعوات (3412) , والنسائي : السهو (1349). 3 : سورة الأنفال (سورة رقم: 8)؛ آية رقم:58 4 : مسلم : الإمارة (1917) , والترمذي : تفسير القرآن (3083) , وأبو داود : الجهاد (2514) , وابن ماجه : الجهاد (2813) , وأحمد (4/156) , والدارمي : الجهاد (2404).
|